بلدة عقربا ما بين تحديات الاستيطان وواجب الصمود 2022- 2024
بقلم رئيس بلدية عقربا / أ. صلاح الدين جابر
عملت سلطات الاحتلال الاسرائيلي بمستوياتها الرسمية وغير الرسمية على استنساخ التجربة الأمريكية مع السكان الأصليين (cowboys) باستخدام أدوات رخيصة التكلفة كالاستيطان الرعوي الذي ازدهر بشكل كبير مع قدوم حكومة اليمين المتطرفة وأصبح متاحا لراعي البقر الاسرائيلي المحمي جيدا بقوات الجيش الاسرائيلي السيطرة على الاف الدونمات من الأراضي الفلسطينية ،وبتسليط الضوء على هذه الظاهرة وغيرها من الظواهر والأدوات الاسرائيلية منذ فرض الاحتلال نفسه ونكباته على الأرض الفلسطينية وبوتيرة متسارعة في العامين ونصف الأخيرين عمل الاحتلال ومستوطنيه على خلق أدوات جديدة لمصادرة مزيد من الأراضي كالاستيطان الرعوي والاستيطان السياحي كأداتين مستحدثتان الى جانب الأدوات الاسرائيلية التقليدية مثل قانون أملاك الغائبين وأملاك الدولة واعلان الأراضي كمحميات طبيعية ومناطق اطلاق نار والأوامر العسكرية وغيرها من القرارات التي استهدفت بمجملها تفريغ الاغوارمن ساكنيها، وبنظرة اقرب على خارطة التمدد الاستيطاني يلاحظ بوضوح عملية الفصل الجغرافي لبلدة عقربا عن بلدة بيت فوريك شمالا من خلال انشاء عدد من المستوطنات والبؤر الاستيطانية (ايتمار , مستوطنة777, شرعنة مستوطنة جفعات ارنون 2022، بؤرة رعوية في منطقة الرجمان ) تبعها سياسات هدم وترحيل للمزارعين في الجزء الشرقي من لفجم وصولا الى مستوطنة جيتيت واقامة عدد من المستوطنات الرعوية في الجزء الشرقي مع اعتماد وتوسعة هيكلية لمستوطنة جيتيت ، وصولا الى ما يسمى العمق الأمني لمستوطنة ييش كودش وبذلك عمل الاستيطان على خلق واقع نصف دائرة من الجهة الشمالية والشرقية والجنوبية لمحاصرة بلدة عقربا وحرمانها من امتدادها الشرقي الواصل الى بلدة فصايل مع حرمان المواطنين من الوصول الى المناطق الرعوية والتي تزيد مساحتها على 80 الف دونم من الجهات الثلاث .
أثناء تشكيل حكومة اليمين الحالية نهاية عام 2022 قامت السلطات الاسرائيلية بمصادرة 3405 دونم من أراضي بلدة عقربا في المسترة المحاذية لبلدة فصايل واعلانها املاك دولة ، وعند الشروع باجراءات الاعتراض على القرار حصلت بلدية عقربا على وثيقة لمصادرة نفس الاراضي بتاريخ 3/10/1979 بهدف اقامة مستوطنة سياحية واقترح تسميتها بمستوطنة شلومتسيون على اعتبار أن المنطقة تحتوي على اثار ما قبل التاريخ وبقيت المنظمات الصهيونية تنظم رحلات سياحية لهذه المنطقة منذ ذلك التاريخ حيث ذكر في البند السابع من أمر المصادرة عدم ابلاغ اصحاب الاراضي بهذا الامر .
وبتاريخ 19/3/2024 وقع وزير المالية الاسرائيلي سموترتيش على قرار اعلان مصادرة 8000 دونم في منطقة قرن سرطبة وعمرة منها 6400 دونم من اراضي عقربا والباقي من اراضي الفارعة بهدف توسعة مستوطنة يافيت المقامة في جزء منها على اراضي عقربا حيث قامت بلدية عقربا بتقديم كافة الوثائق الثبوتية اللازمة وتقديم الاعتراض قانونا بالتنسيق مع هيئة مقاومة الجدار والاستيطان وتتابع حاليا الموضوع ضمن المسار القانوني .
وبنفس اليوم الذي أعلن فيه عن قرار المصادرة ارتقى الشهيد فاخر بني جابر في منطقة الطويل شرق عقربا وبعد اقل من شهر ارتقى الشهيدين محمد بني جامع وعبد الرحمن بني فضل في نفس المكان.
وقبل هذا الاعلان عملت ميليشيا المستوطنين على محاولة فرض أمر واقع في المنطقة الجنوبية لبلدة عقربا والتابعة لأراضي جوريش بمحاولة اقامة بؤرتين استيطانيتين ووجهتا بمستويين : المستوى الأول المواجهة المباشرة مع المستوطنين لمنع اقامة بؤرة استيطانية في المنطقة ما بين عقربا والمجدل نتج عنها عدة اصابات وحرق لعدد من السيارات القانونية والتي تم تعويض اصحابها بكامل قيمتها من خلال بلدية عقربا وشركائها الوطنيين والدوليين .
المستوى الثاني ، تعزيز الخدمات حيث قامت بلدية عقربا بشكل فوري بتأهيل وشق طرق جديدة وايصال شبكات المياه والكهرباء في منطقة كفايف محفوريا وتحويل المنطقة الى منطقة حيوية بخدمات كاملة .
كما تمت مواجهة أوامر الهدم الصادرة عن السلطات الاسرائيلية بحق المزارعين في منطقة الأغوار بتأكيد الالتزام على اعادة ما يتم هدمه سواء في منطقتي لفجم والطويل ، وحيث تم هدم 24 منشأة خلال عامين وتم تعويض أصحابها واعادة بنائها بشكل فوري كالتزام وطني من بلدية عقربا تجاه ابنائها المقيمين في مناطق الاغوار الى جانب تقديم الدعم من خلال وزارة الزراعة بتوفير اعلاف المواشي واعادة بناء حظائر الأغنام والشوادر وغيرها من الخدمات اللازمة
ومنذ السابع من اكتوبر تصاعدت هجمات المستوطنين في مناطق يانون والأغوار حيث بلغ عدد الاعتداءات الجسدية المباشرة 73 اعتداء الى جانب سرقة المستوطنين لمحاصيل الزيتون والمعدات الزراعية والمواشي بواقع 93 حالة سرقة وتم تعويض معظم المواطنين المتضررين باستثناء المركبات المشطوبة وذلك بالتنسيق ما بين بلدية عقربا وشركائها الوطنيين والدوليين .
كما استمرت سلسلة الاعتداءات على قطاع البنية التحتية في البلدة بتدمير شبكة الكهرباء المستحدثة والرابطة ما بين عقربا- مجدل بني فاضل بطول 1300 م وتجريف طرق زراعية في منطقتي الطويل والعماير شرق وغرب بلدة عقربا.
كما واصل الاحتلال ومستوطنيه سياسة استهداف القطاع الزراعي بشكل متزايد من خلال الهدم والترحيل بتدمير 273 دونم مزروعة في منطقة الطويل عبر رعيها بواسطة أبقار المستوطنين اما رعيا كليا أو جزئيا وبقيمة تجاوزت( 163800) شيقل وتم حصر الضرر والخسائر وجار العمل على تعويض أصحابها من خلال شركاء بلدية عقربا الوطنيين والدوليين ، كما منع المواطنين من قطف محاصيل الزيتون في منطقة يانون العام الماضي وحتى المنع من حراثتها وقدرت الخسارة الناجمة عن ذلك بأكثر من 120.000 الف شيقل استدعى ذلك اعفاء المواطنين في خربتي يانون والطويل من رسوم الخدمات والكهرباء والمياه لتعزيز صمود المواطنين في هذه المناطق المستهدفة .
ورغم الواقع الصعب الذي تعيشه بلدة عقربا وتحديدا القطاع الزراعي والرعوي نتيجة للممارسات الاسرائيلية بمستوياتها الرسمية وغير الرسمية بلغت الخسائر المباشرة مئات الاف الشواقل ، الا انه تم اعتماد سياسة دعم مبكرة لمناطق الاطراف وشق طرق زراعية (وصول المعدات الى اماكن الاطراف لأول مرة كان ابرز الانجازات واد يانون ، المزرعة ، شعب الورد ، العماير، واد الحج عيسى……الخ ) الى جانب تركيب شبكات كهرباء ومياه وتعويضات مختلفة بتكلفة تزيد على 1.5 مليون شيقل مع اعتماد سياسة دائمة لتعزيز صمود المواطنين الى جانب اعتماد سلسة من المشاريع الخدماتية والاغاثية للمناطق المهددة وأهمها يانون ، الطويل، الجهير، الدوا ) والسعي لتنفيذها تباعا لتعزيز التواجد الفلسطيني في الارض الفلسطينية مع الالتزام الثابت بالتواجد الميداني لبلدية عقربا في أي مشكلة أو اعتداء من قبل الجيش الاسرائيلي أو مستوطنيه .
ما تمر به بلدة عقربا يبقى جزءا ضئيلا مما تمر به فلسطين بشكل عام ويبقى واجب الصمود واجبا لا تراجع عنه مهما عصفت بنا التحديات .